سورة الحجر - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


قوله عز وجل: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الشيع الأمم، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: أن الشيع جمع شيعة، والشيعة الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، فكأن الشيع الفرق، ومنه قوله تعالى {أو يلبسكم شيَعاً} [الأنعام: 65] أي فرقاً، وأصله مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد به الكبار، فهو عون النار.
الثالث: أن الشيع القبائل، قاله الكلبي.
قوله عز وجل: {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين} فيه أربعة أوجه:
أحدها: كذلك نسلك الاستهزاء في قلوب المجرمين، وإن لم يعرفوا، قاله قتادة.
الثاني: كذلك نسلك التكذيب في قلوب المجرمين، قاله ابن جريج.
الثالث: كذلك نسلك القرآن في قلوب المجرمين، وإن لم يؤمنوا، قاله الحسن.
الرابع: كذلك إذا كذب به المجرمون نسلك في قلوبهم أن لا يؤمنوا به.
قوله عز وجل: {لا يؤمنون به} يحتمل وجهين:
أحدهما: بالقرآن أنه من عند الله.
الثاني: بالعذاب أن يأتيهم.
{وقد خلت سنة الأولين} السنة: الطريقة، قال عمر بن أبي ربيعة:
لها من الريم عيناه وسُنّتُهُ *** ونحرُه السابق المختال إذ صَهَلا
فيه وجهان:
أحدهما: قد خلت سنة الأولين بالعذاب لمن أقام على تكذيب الرسل.
الثاني: بأن لا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا.
ويحتمل ثالثاً: بأن منهم مؤمناً وكافراً.
كما يحتمل رابعاً: من أقام على الكفر بالمعجزات بعد مجيء ما طلب من الآيات.


قوله عز وجل: {ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون} فيه وجهان:
أحدهما: فظل هؤلاء المشركون يعرجون فيه، قاله الحسن وقتادة.
الثاني: فظلت الملائكة فيه يعرجون وهم يرونهم، قاله ابن عباس والضحاك.
قوله عز وجل: {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} في {سكرت} قراءتان:
إحداهما بتشديد الكاف، والثانية بتخفيفها، وفي اختلافهما وجهان:
أحدهما: معناهما واحد، فعلى هذا ستة تأويلات:
أحدها: سُدّت، قاله الضحاك.
الثاني: عميت، قاله الكلبي.
الثالث: أخذت، قاله قتادة.
الرابع: خدعت، قاله جويبر.
الخامس: غشيت وغطيت، قاله أبو عمرو بن العلاء، ومنه قول الشاعر:
وطلعت شمسٌ عليها مغفر *** وجَعَلَتْ عين الحرورو تسكر
السادس: معناه حبست، قاله مجاهد. ومنه قول أوس بن حجر:
فصرن على ليلة ساهرة *** فليست بطلقٍ ولا ساكرة
والوجه الثاني: أن معنى سكرت بالتشديد والتخفيف مختلف، وفي اختلافهما وجهان:
أحدهما: أن معناه بالتخفيف سُحِرَتْ، وبالتشديد: أخذت.
الثاني: أنه بالتخفيف من سُكر الشراب، وبالتشديد مأخوذ من سكرت الماء.
{بل نحن مسحورون} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أي سحرنا فلا نبصر.
الثاني: مضللون، حكاه ثعلب.
الثالث: مفسدون.


قوله عز وجل: {ولقد جعلنا في السماء بروجاً} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أنها قصور في السماء فيها الحرس، قاله عطية.
الثاني: أنها منازل الشمس والقمر، قاله علي بن عيسى.
الثالث: أنها الكواكب العظام، قاله أبو صالح، يعني السبعة السيارة.
الرابع: أنها النجوم، قاله الحسن وقتادة.
الخامس: أنها البروج الاثنا عشر.
وأصل البروج الظهور، ومنه تبرجت المرأة إذا أظهرت نفسها.
{وزيناها للناظرين} أي حسنّاها.
{وحفظناها من كل شيطان رجيم} يعني السماء. وفي الرجيم ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الملعون، قاله قتادة.
الثاني: المرجوم بقول أو فعل، ومنه قول الأعشى:
يظل رجيماً لريب المنون *** والسقم في أهله والحزن
الثالث: أنه الشتيم. زعم الكلبي أن السموات كلها لم تحفظ من الشياطين إلى زمن عيسى، فلما بعث الله تعالى عيسى حفظ منها ثلاث سموات، إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظ جميعها بعد بعثه وحرسها منهم بالشهب.
قوله عز وجل: {إلا من استرق السمع} ومسترق السمع من الشياطين يسترقه من أخبار الأرض دون الوحي، لأن الله تعالى قد حفظ وحيه منهم.
ومن استراقهم له قولان:
أحدهما: أنهم يسترقونه من الملائكة في السماء.
الثاني: في الهواء عند نزول الملائكة من السماء. وفي حصول السمع قبل أخذهم بالشهاب قولان:
أحدهما: أن الشهاب يأخذهم قبل وصولهم إلى السمع، فيصرفون عنه.
الثاني: أنه يأخذهم بعد وصول السمع إليهم.
وفي أخذهم بالشهاب قولان:
أحدهما: أنه يخرج ويحرق ولا يقتل، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه يقتل، قاله الحسن وطائفة.
فعلى هذا القول في قتلهم بالشهب قبل إلقاء السمع إلى الجن قولان:
أحدهما: أنهم يقتلون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم، فعلى هذا لا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء، قاله ابن عباس: ولذلك انقطعت الكهانة.
الثاني: أنهم يقتلون بعد إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم من الجن، ولذلك ما يعودون إلى استراقه، ولو لم يصل لانقطع الإستراق وانقطع الإحراق.
وفي الشهب التي يرجمون بها قولان:
أحدهما: أنها نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود، كما إذا أحرقت النار لم تعد.
الثاني: أنها نجوم يرجمون بها وتعود إلى أماكنها، قال ذو الرمة:
كأنه كوكب في إثر عفريةٍ *** مُسَوَّمٌ في سوادِ الليل منقضبُ
قوله عز وجل: {والأرض مددناها} أي بسطناها. قال قتادة. بسطت من مكة لأنها أم القرى. {وألقينا فيها رواسي} وهي الجبال.
{وأنبتنا فيها من كل شيء موزون} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: يعني مقدر معلوم، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير. وإنما قيل {موزون} لأن الوزن يعرف به مقدار الشيء. قاله الشاعر:
قد كنت قبل لقائكم ذا مِرّةٍ *** عندي لكل مُخاصِم ميزانُه
الثاني: يعني به الأشياء التي توزن في أسواقها، قاله الحسن وابن زيد.
الثالث: معناه مقسوم، قاله قتادة.
الرابع: معناه معدود، قاله مجاهد.
ويحتمل خامساً: أنه ما يوزن فيه الأثمان لأنه أجل قدراً وأعم نفعاً مما لا ثمن له.
قوله عز وجل: {وجعلنا لكم فيها معايش} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنها الملابس، قاله الحسن.
الثاني: أنها المطاعم والمشارب التي يعيشون فيها، ومنه قول جرير:
تكلفني معيشة آل زيدٍ *** ومَن لي بالمرقق والصنابِ
الثالث: أنها التصرف في أسباب الرزق مدة أيام الحياة، وهو الظاهر.
{ومن لستم له برازقين} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها الدواب والأنعام، قاله مجاهد.
الثاني: أنها الوحوش، قاله منصور.
الثالث: العبيد والأولاد الذين قال الله فيهم {نحن نرزقهم وإياكم} [الإسراء: 31] قاله ابن بحر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8